اللمسة: سر الحياة

اقرأ معي ما كتبه الروائي المصري خيري شلبي في روايته (وكالة عطية).
وجدتني أربت على كتفها لأول مرة، يبدو أن يدي قد حملت الكثير من مشاعري نحوها لحظتئذ، فإذا هي طفلة صغيرة تنتظر هذه الحركة منذ زمن، فانزلقت على صدري، مريحة رأسها على كتفي في حنان حقيقي مصفى .. .(ثم).. . تلقفت يدي راحة يدي فطبعت على ظهرها قبلة امتنان حارة، فسحبت يدي بسرعة.
لمس هذا الكاتب العبقري بهدوء لب الحياة و جوهرها. هو يصل بيسر إلى لب الحياة. اليد تحمل المشاعر عندما تربت الكتف. إنا بشر. حاجتنا ملحة و عميقة إلى أن نحب و أن نُحب، نُعبر عنها في لمسة يد، في رنة كلمة نحكيها لآخر- في ربتة على الكتف، في حضن، في عناق، في قبلة، في نظرة عين تنقل الحنان إلى آخر، أو تصلنا من آخر، و تجهر برابطة، بصِلةٍ،
باهتمام! حاجتنا إلى (اللمسة) حقيقية و متأصلة، هي التي تثري وجودنا، هي التي تجعلنا بشراً، و تجعل البشر كُلاً، و تضفي على الكُل المعني. أن تبسمَ لغريب، أن تمد يدك تلمس صديقاً أو غريباً، أن تهدهد طفلاً يبكي، أن تكف عن كره نفسك فتحب الآخرين، أن تغدق الحب على حياة الغير، أن تدرك أن ثقافتنا تفتقد إلى اللمسة، تفتقد إلى الاطمئنان، و إذا أحس الفرد بالاطمئنان، أصبح منفتحاً يستجيب للآخرين، يلمسهم ليعبر عن نفسه، و أن يحس الآخرون بأن هناك من يهتم بهم، يستيقظ في الصبح و هو يحس بأنه محبوب، و ينام في الليل و هو يحس أنه محبوب - على الرغم من كل ما حدث طوال النهار. من هذا الحب ينبع الكمال، و الالتزام، و الإخلاص، و الفضيلة.

جرحى نحن، جرحى نمشي تائهين، جرحى في عالم مادي غابت عنه اللمسة، غاب عنه الحب، جروحنا في الروح، وجروح الروح تدمي عميقاً عميقاً. النضج الصحيح للإنسان هو أن يصبح قادراً على الحب، على العمل، على اللهو و اللعب، على أن يستخدم عقله على نحو سليم.

جوعي نحن، جوعى للمسة، جوعى للاتصال و الحميمية. العالم مكتظ بالبشر، لكن كل واحد منا يمشي وحده. (هذا الزحام لا أحد)، كما يقول الشاعر: نحس جميعاً بأن شيئاً ما من حولنا خطأ، شيئاً ما في حضارتنا، شيئاً ما خطأ يلفنا و يخنقنا، ثم لا نعرف ما هو. نموت في بطء و لا ندرك أنا نموت، نموت جوعاً للمسة، تغلفنا و تحيطنا ثقافة فقدت جذورها. يالزماننا الذي نمخر عبابه، الذي نفكر فيه طويلاً قبل أن نرفع طفلاً كي نحتضنه، قبل أن يفاجئ الفرد منا حبيبته بقبلة على غير توقع! قدر ضئيل من الحنان لفرد تائه في صحراء زماننا المزدحم قد يهز بالكامل رؤيته عن قيمته بهذا العالم. اللمسة إذا جاءت من القلب تشفي من أيما شخصاً كانت!. كُلنا - كل شخص لاسيما الصغار الأبرياء منا - يحتاج إلى اللمسة. اللمسة أكبر بكثير
من جلد يلامس جلداً. اللمسة تحمل التسليم بإنسانيتنا جميعاَ، بأن الإنسانية تجمعنا. اللمسة إدراك بقابلية للانجراح متأصلة فينا، برغبتنا الكاملة في الاتصال. ثم إن التحقق عن طريق اللمسة - جسدية كانت أو غير جسدية - هو أبعد بكثير مما يتخيله معظم الناس. اللمسة جزء من كياننا الأسمي.
عندما كتب آشلي مونتاجيو عام 1971 أول كتاب عن (اللمسة) بيع منه ستة ملايين نسخة. نحن في حاجة إلى اللمسة حقاَ.

المشاركات : 88182 تاريخ التسجيل : 18/10/2008

ميرسي ليكى يا ايه
تسلمى
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]

[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]

ميرسي ليكي يا قمررررررررررررررررررر

شكرااااااااااااااااااااااااااااااا

يسلمووووو الاياااااااااااااااااااااااااادي

[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]

[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]